ماذا يحدﭢ حولي
انت في الصفحة 2 من صفحتين
فذهبت إليها محاولا الحديث معها وإفهامها أني مازلت بجوارها إلا أنه حيل بيني وبين ما أردت....
فالټفت إلى أبي وإلى إخوتي محاولا إسماع صوتي ولكن دون جدوى !!!
ذهب إخوتي للإعداد للجنازة وخر أبي على الكرسي يبكي وأنا في ذهول تام وإحباط شديد من هول ذلك الکابوس المزعج الذي أحاول الاستيقاظ منه.
جاء المغسل وبدأ في تغسيل ذاك الجسد الملقى على فراشي بمساعدة أبنائي ولفه بالكفن ووضعه في التابوت.
وتوافد الأصدقاء والأحباب إلى البيت والكل يعانق أبي المڼهار ويعزون إخوتي وأبنائي ويدعون لي بالرحمة ولهم بالصبر والسلوان.
ثم حملوا التابوت إلى المسجد ليصلوا عليه وخلا المنزل إلا من النساء. فخرجت مسرعا خلف الچنازة المتجهة إلى المسجد حيث اجتمع الجيران والأصدقاء واصطفوا خلف الإمام ليصلوا علي.
كبر الإمام التكبيرة الأولى وأنا أصرخ فيهم يا أهلي يا جيراني على من تصلون !!!
أنا معكم ولكن لا تشعرون!!!
أناديكم ولكن لا تسمعون!!!
بين أيديكم ولكن لا تبصرون!!!
فلما استيئست منهم تركتهم يصلون وتوجهت إلى ذلك الصندوق وكشفت الغطاء أنظر إلى ذلك النائم فيه
وما إن كشفت عن وجهه حتى فتح عينيه ونظر إلي وقال الآن انتهى دوري أنا إلى الفناء أما أنت فإلى البقاء !!!
ثم قال لازمتك ما يزيد عن أربعين عاما واليوم مآلي
إلى التراب ومآلك إلى الحساب !!!
فقط أسمع تكبيرات الإمام ...
ثم غمغمات المشيعين ....
ثم صوت التراب ينهال علي ....
ثم قرع النعال مبتعدة ....
أدركت حينها أنها النهاية ....
ولربما البداية ....
بداية النهاية ....
هكذا بكل بساطة ودون مقدمات !!!!!
مازال لدي الكثير من المواعيد
مازال لدي الكثير من الأشغال
مازال لدي الكثير من الديون التي لم أسددها ولم أوص بسدادها
أين نقالي
أريد أن أوصي بفعل خير لطالما أجلته
وشيئا فشيئا بدأت أختنق
ثم سمعت أصوات أقدام متجهة إلي
يا ويلتى سيبدأ الحساب!!!
هذا ما كان يقال لي في الدنيا
لابد أنهما منكر ونكير في طريقهما إلي
وبقيت أصرخ في قبري
رب ارجعون
رب ارجعون
رب ارجعون
لعلي أعمل صالحا فيما تركت !!!
فلا أسمع صدى لدعائي سوى
كلا كلا كلا
ولازلت على هذه الحال حتي تدفق إلى مسامعي صوت رقيق يهمس في أذني بابا بابا الغدا يا بابا....
ففتحت عيني لأجد ابنتي وفلذة كبدي مبتسمة كعادتها في وجهي وهي تقول يلا يا بابا قبل الأكل ما يبرد
وجلست في فراشي برهة وأنا أشعر بإرهاق شديد وأطرافي ترتعد وجسدي يتصبب عرقا ....
لأخاطب نفسي قائلا
.... ها يا نفس قد عدتي فأريني أي صالح ستعملين قبل أن يأتي يوم تسألين فيه الرجعى فلا يستجاب لك..
تمت..