كان يمكان جدتي زمان
انت في الصفحة 1 من صفحتين
حكاية و عبرة...
كان يا مكان.. في قديم الزّمان جدّة طيّبة تعيش مع حفيدها الوحيد واسمه حديدان، في قرية خضراء جميلة، وكانت تلك الجدّة تحبّ حفيدها حبَّاً جمَّاً، تدلله.. وترعاه..
ذات صباح.. قدّمت الجدّة إلى حديدان كوباً من الحليب وقطعتين من الجبن ورغيفاً كبيراً خبزته لتوّها على التنّور.
نظر حديدان إلى الرّغيف، وجده ممطوطاً، قلب شفتيه وقال:
-ما هذا يا جدّتي!؟ الأرغفة الّتي تصنعينها عادة دائرية، أمّا هذا فشكله بشع. ثمّ دفعه باشمئزاز.
انحنت الجدّة على الرّغيف، أمسكت به، قبّلته، قالت:
-بشع!؟ أَبَعد تعبي أسمع منك هذه الكلمة؟ كنت أتوقّع منك –على الأقل- كلمة ((شكراً))، لقد أفقتُ قبل بزوغ الشّمس، أوقدت التّنور، عجنت، رققت العجين ثمّ خبزت وبعد كل هذا التّعب تقلب شفتيك مستاءً، وترمي بالنّعمة على الأرض؟
-أف.. وماذا حصل؟ هل خربت الدّنيا؟
-نعم خربت، لأنّك لا تعلم أنّ الرّغيف الذي رميته كلّف جهداً وتعباً كبيرين.
-جهد.. تعب!! أنا أستطيع –على الرّغم من صغري- صنع رغيف أفضل من رغيفك بكثير.
رَكَزَتِ الجدّة نظّارتها على أرنبة أنفها، وبعد تفكير عميق.. قالت:
-طيّب.. أنا زعلانة منك، ولن أرضى حتّى تصنع الخبز بنفسك، هيّا.. أرني شطارتك.
نهض حديدان مصمِّماً، توجه إلى التّنور المطلي بهباب الفحم، وقف أمامه، قال:
((يا تنّور يا حزين.. يا خبّاز العجين))، أعطني رغيفاً مدوَّراً، كي أريه لجدّتي، فترضى عنّي.
فتح التّنور فمه الكبير ضاحكاً، وقال
-وكيف أعطيك الرّغيف وأنا بحاجة إلى الحطب؟
-ومن أين آتيك بالحطب؟
-بسيطة.. الحطب موجود في الجبل.
صعد حديدان الجبل، وقف على رأسه، صائحاً:
(( يا جبل يا كبير.. يا مخبأ العصافير))، أعطني حزمة حطب.
قهقه الجبل، فتدحرج بعض الحصى، قال:
-كيف أعطيك الحطب وأنا بحاجة إلى فأس؟
-فأس!! وكيف أحصل عليها؟
-الفأس عند الحدّاد.
هبط حديدان الجبل، توجه إلى الحدّاد، رأى رجلاً قويّ البنية، مفتول الزّند، يضع الفحم في بيت الڼار ثم ينفخه بالكير.